الاثنين، 18 أبريل 2016

يالسمطي قبور الصحابة رضي الله عنهم مُكرَّمة محترمة


يالسمطي قبور الصحابة رضي الله عنهم مُكرَّمة محترمة

 

لقد ساءني كثيراً ما كُتب في صحيفة الجزيرة في عددها(15906) يوم السبت الموافق 9/7/1437هـ تحت عنوان ( يوميات عابر أطلال: من مرابع امرئ القيس إلى منازل حاتم الطائي- الحلقة السادسة عشرة- بقلم عبدالله السمطي) إذ اشتمل  مقاله على أغلاط يجب إنكارها فمنها:

 

1.   ما ذكره في ذهابه لقبر رسولنا صلى الله عليه وسلم وإخباره أنه قرأ الفاتحة أمام قبره عليه الصلاة والسلام بل قرأها أكثر من مرة !! وذكر السمطي أنه لما مر بمقبرة البقيع وهو في السيارة ذاهباً للمسجد النبوي قرأ الفاتحة !!

 

فيقال له هداه الله: هل ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ قرآناً عند قبر من القبور؟ أو جاء عنه أنه إذا مر بقبر قرأ الفاتحة؟

 

وهل جاء عن أحد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أنه قرأ الفاتحة عند قبره صلى الله عليه وسلم أو عند قبر غيره ؟

 

الجواب: أنه لم يأت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته رضي الله عنهم قراءة شيء من القرآن لا الفاتحة ولا غيرها عند قبر ولا عند المرور على المقابر كما فعل هذا الرجل.

 

أفلا يسعه ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاكتفاء بالسلام على الموتى والدعاء لهم؟

 

أم أنه يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك شيئاً من الخير لم يبلِّغ أمته به؟

 

أم أن الأخ السمطي أدرك شيئاً من العلم لم يدركه الصحابة رضي الله عنهم؟ فلم يعلموا به! ولا عملوه,  وعلِمه هو!! فعمل به؟

 

 قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله: (ما علمت أحداً يفعل ذلك) يعني قراءة شيء من القرآن عند القبر, علّق الإمام ابن تيمية رحمه الله على كلام الإمام مالك قائلاً:(فعُلِم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه), فهل سيقتدي بهم صاحب يوميات عابر أطلال؟ هذا ما أرجوه.

 

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة واضح بيّن, قال ابن القيم رحمه الله:(كان صلى الله عليه وسلم إذا زار قبور أصحابه يزورها: للدعاء لهم, والترحم عليهم, والاستغفار لهم, وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم... وكان من هديه صلى الله عليه و سلم تعزية أهل الميت ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره, وكل هذا بدعة حادثة مكروهة).

 

2.   ذكر الأخ عبدالله السمطي أصلح الله حالنا وحاله ما نصه:(عثرتُ على مكان قمتُ فيه بالصلاة ركعتين في حضرة الحبيب المصطفى), وهذا اللفظ منه(حضرة الحبيب المصطفى) صلى الله عليه وسلم إن كان مقصوده أن الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد لصلاته , حاضر لأدائها فهو جهل منه أصلحه الله ولا يقول به أحد من أهل السنة, أما غير أهل السنة فليست هذه بأكبر ضلالهم.

 

وإن كان يقصد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم القُرب من قبره صلى الله عليه وسلم, فإن هذا قد يكون وارداً لغة, قال الجوهري في الصحاح:(حَضْرة الرجل: قُرْبه وفناؤه) إلا أنه لا فرق شرعاً في الفضل بين مكان ومكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم سواء قَرُبَ من مكان قبره صلى الله عليه وسلم أو كان بعيداً ما دام في المسجد إلا الصلاة خلف الإمام مباشرة, والروضة الشريفة , علماً أني لا أعلم دليلاً في جعل الصلاة بالروضة أعظم أجراً, وأكثر ثواباً من بقية مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم, مع أنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنها روضة من رياض الجنة, فلا شك في فضلها, ولكن لا أعلم دليلاً يجعل الصلاة فيها أكثر أجراً  وأفضل ثواباً من بقية المسجد.

 

وكان الأولى للكاتب أن يبتعد عن الألفاظ الموهمة التي تجعل كلامه مشابهاً لكلام أهل البدع الذين يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون شاهداً معهم, بل وحاضراً لبعض بدعهم كما هو مشهور عنهم, خاصة في احتفال المولد.

 

3.   قال عبدالله السمطي أصلحنا الله وإياه:( ثم خرجنا أنا والدكتور عيد اليحيى ووقفنا عند سور البقيع حيث مقابر الصحابة والمسلمين الأوائل... المقابر مجرد مقابر ترابية ، عليها بعض الحجارة كشواهد، هكذا فقط، لا أضرحة ، لا مزارات، لا نباتات ، لا أشجار، لا لوحات رخامية مكتوب عليها أسماء هؤلاء الصحابة (رضي الله عنهم) الذين أسهموا في نشر الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة المنورة، هؤلاء الذين رضي الله عنهم في دنياهم وآخرتهم، وبشر بعضهم بالجنة. بعد أن رحلوا لم يكرموا، مجرد قبور ترابية عليها بعض الحجارة... هل كان ينبغي - على الأقل - أن توضع لوحات بأسمائهم حتى على سور البقيع، هنا يرقد هذا الصحابي، أو هذا القائد حتى من وجهة تاريخية ؟!

 

إن الناس لن تتعلق بالأضرحة تماما، لكن على الأقل تعرف من يرقد في هذا القبر أو ذاك.

 

لم تعجبني مقابر البقيع أبدا، ولم يعجبني عدم تكريم هؤلاء الصحابة والمسلمين الأوائل, إن دولا أخرى تصنع مزارات كبيرة لشخصيات أقل منهم ربما في العالم الإسلامي وغير العالم الإسلامي.. فلماذا تأتي قبور الصحابة بهذه الصورة المهينة البائسة، من كرمهم الله في الدنيا ورضي عنهم وبشرهم بالجنة لابد أن يكرموا في قبورهم بعد رحيلهم).

والجواب عن هذا من أوجه منها:

 

أ‌-    لا أدري هل الكاتب يعلم شيئاً عن النصوص الشرعية الكثيرة في تحريم البناء على القبور, وتجصيصها, وإسراجها, ورفعها, والكتابة عليها؟ هذا الذي يظهر من حال الكاتب, و إلا فلا أظن أحداً يعلم الأدلة الواردة في تحريم ذلك ثم يزعم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم الصحابة رضي الله عنهم ثم يطالب بتلك المطالب التي ذكرها صاحب المقال.

 

فمن الأدلة: ما جاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجصص القبر, وأن يُقعد عليه, وأن يبنى عليه.

 

وأخرج مسلم أيضاً في صحيحه عن ثمامة بن شفي رحمه الله قال : كنا مع فضالة بن عبيد رضي الله عنه بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوّي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها.

 

وأخرج مسلم أيضاً عن أبي الهياج الأسدي رحمه الله قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبراً مشرفا إلا سوَّيته.

 

قال ابن القيم رحمه الله:(ونهى صلى الله عليه وسلم عن الكتابة عليها كما روى أبو داود والترمذي في سننهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها, قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهؤلاء يتخذون عليها الألواح ويكتبون عليها.

 

 ونهى صلى الله عليه وسلم أن يزاد عليها غير ترابها كما روى أبو داود من حديث جابر أيضاً : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر أو يكتب عليه أو يزاد عليه, وهؤلاء يزيدون عليه سوى التراب الآجر والأحجار والجص .

 

 ونهى عمر بن عبدالعزيز: أن يبنى القبر بآجر وأوصى أن لا يفعل ذلك بقبره

 

 وقال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون الآجر على قبورهم

 

 والمقصود : أن هؤلاء المعظمين للقبور, المتخذينها أعياداً , الموقدين عليها السُّرج, الذين يبنون عليها المساجد والقباب, مناقضون لما أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم, محادُّون لما جاء به, وأعظم ذلك اتخاذها مساجد, وإيقاد السرج عليها وهو من الكبائر).

 

وقال الذهبي رحمه الله:(ولا نعلم صحابياً فعل ذلك) يعني الكتابة على القبور.

 

وقال ابن الحاج رحمه الله في مدخله:(وليحذر من هذه البدعة التي اعتادها بعضهم وهي جعل الرخام على القبور وهي بدعة, وسرف, وإضاعة مال, وفخر, وخيلاء, وكذلك كل ما حواليه, وليحذر من أن يجعل على القبر ألواحا من خشب عوضا عن الرخام, وكذلك يحذر من أن يجعل عليه درابزين إذ أن هذا كله من البدع المكروهة في الشرع الشريف, وقد تقدم صفة القبر على السنة, فكل ما خالفها فهو بدعة مكروهة ... وليحذر مما يفعله بعضهم من نقش اسم الميت, وتأريخ موته على القبر سواء كان ذلك عند رأس الميت في الحجر المعلَّم به قبره ... أو كان النقش على البناء الذي اعتادوه على القبر مع كون البناء على القبر ممنوعاً كما تقدم,  أو كان في بلاطة منقوشة أو في لوح من خشب وأشد من ذلك أن يكون على عمود كان رخاما أو غيره).

 

فهذه بعض النصوص الشرعية, وبعض النقولات عن علماء من مذاهب فقهية مختلفة كلها تبين فساد قول الكاتب, وتُظهِر بطلان طلبه.

 

ثم قوله هداه الله:(إن الناس لن تتعلق بالأضرحة تماماً) كأنه لا مانع لديه أن يتعلق الناس بالأضرحة لكن ليس على التمام!!

 

ولا مانع أن يقال للأخ عبدالله السمطي: هل عندك علم بالمستقبل أن الناس لن تتعلق بالأضرحة؟ وهل اطلعت على الغيب؟ أو على الأقل هل لديك دليل على قولك هذا؟ حتى تكتب للقراء مثل هذا الكلام.

 

 أما بلغك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بوقوع الشرك في هذه الأمة؟ أما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم: « لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى » رواه مسلم,  أما بلغك أن من أنواع الشرك ما هو أخفى من دبيب النمل؟ أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال وحوله بعض أصحابه (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ) متفق عليه، قال مبارك الميلي الجزائري  رحمه الله :( فطلب من أصحابه - وهم في الإيمان أعلى درجة من كل من يأتي بعدهم - أن يبايعوه على اجتناب الشرك).

 

قالها لهم وهم في بلد الإيمان (المدينة النبوية) ولم يقل نحن في بلد التوحيد فلا داعي لها, بل حذرهم من الشرك كبيره وصغيره وخاف عليهم منه ففي مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" فهذا الخطاب للصحابة  رضي الله عنهم وأرضاهم وخطاب لمن بعدهم ومع قوة إيمان الصحابة خاف عليهم فكيف بحالنا!

 

بوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر , ثم ذكر عن ابن أبي مليكة رحمه الله أنه قال :(أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل).

 

قال محسن بن موسى رحمه الله : كنت عديل سفيان بن الثوري إلى مكة فرأيته يكثر البكاء فقلت له : يا أبا عبد الله بكاؤك هذا خوفا من الذنوب ؟ قال : فأخذ عوداً من المحمل فرمى به فقال : إن ذنوبي أهون علي من هذا, و لكني أخاف أن أسلب التوحيد. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.

 

هل تعلم يا أخ عبدالله أنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى ثلاث مرات: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر , اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت) أخرجه أحمد, فهذا رسولنا عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم يتعوَّذ بالله من الكفر, تربية منه صلى الله عليه وسلم لأمته على الخوف من الكفر والحذر منه .

 

وشيخ المرسلين إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان من دعائه:(واجنبني وبني أن نعبد الأصنام), قال إبراهيم التيمي رحمه الله:(من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم ، حين يقول: رب( اجنبني وبني أن نعبد الأصنام ).

 

ب- قال عبدالله السمطي وفقنا الله وإياه للهدى:(لم تعجبني مقابر البقيع أبداً، ولم يعجبني عدم تكريم هؤلاء الصحابة والمسلمين الأوائل)

والجواب: ليس الأمر والمراد طلب إعجابك هداك الله, بل المطلوب رضى الله  في العمل بشرعه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم, وقد مضت الأدلة الدالة على تحرم ما تريده , والنهي عما يحقق إعجابك.

 

ثم إن من عدم تكريم قبور الصحابة رضي الله عنهم تحقيق ما يطلبه السمطي, فالصحابة رضي الله عنهم بذلوا أرواحهم للدفاع عن عقيدة التوحيد , ومحاربة كل ما يؤدي إلى الشرك: ومن ذلك رفع القبور, والبناء عليها, وجعل القبب والمشاهد فوقها, ثم يأتي هذا الصحفي ويريد نسف جهودهم رضي الله عنهم التي بذلوها في قطع وسائل الشرك وإماتة البدع بأن يجعل على قبورهم ما هو خلاف شرع الله, وخلاف ما بذلوا مُهجهم من أجله.

 

إن تكريم الصحابة رضي الله عنهم يكون باتباع منهجهم, والاقتداء بهم, ومحبتهم, والترضي عنهم, ولزوم طريقهم خاصة في تحقيق التوحيد والدعوة, والبعد عن الشرك وقطع الوسائل والذرائع التي تؤدي إليه , لا بالمطالبة بأن تكون قبورهم مزارات ومشاهد وحدائق تزرع فيها الأشجار والنباتات كما أراد الكاتب أصلحه الله.

 

ج- قال السمطي:(إن دولاً أخرى تصنع مزارات كبيرة لشخصيات أقل منهم ربما في العالم الإسلامي وغير العالم الإسلامي.. فلماذا تأتي قبور الصحابة بهذه الصورة المهينة البائسة)!!

 

عجيب هذا المنطق منذ متى كانت أفعال الناس حجة تُردُّ بها أدلة الشرع؟

 

ولماذا لم تجعل عمل المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, وعهد من بعده الصحابة هو الحجة؟ بل لماذا لم تحتج بأن ما رأيته في المملكة العربية السعودية هو الصواب؟ لماذا جعلت تلك الدول التي جعلت القبور مزارات على الحق؟ بل وجعلت عمل دول ليست بمسلمة حجة !! تريد ممن يسير على نهج النبوة أن يتركه ويقتدي بتلك الدول؟

إني أقولها واضحة بينة: إن من مفاخر المملكة العربية السعودية حماية التوحيد, ومحاربة الشرك ووسائله, ومن تلك المفاخر  إزالتها للقباب والمشاهد المحرمة التي كان في مقبرة البقيع وغيرها, ومن رأى صور المقابر التي كانت قبل دخول الحجاز تحت ولاية آل سعود وحالها بعد دخولها تحت ولايتهم حمد الله أن هيأ للحرمين الشريفين حكومة تمحو بفضل الله مظاهر البدع والشرك فجزاهم الله خيراً ونصر بهم دينه, وهم في فعلهم هذا قد قاموا بما أمر الله به, وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم, قال ابن القيم رحمه الله:(يجب عليه -أي إمام المسلمين- أن يهدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثاناً).

 

ولو تُرك الأمر لبعض الجهلة في تحقيق ما يعجبهم في مسألة القبور والأضرحة لحصل الفساد ولوقع الشرك, قال الشوكاني رحمه الله:(وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام, منها: اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام, وعَظُم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج, وملجأ لنجاح المطالب, وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم, وشدّوا إليها الرحال, وتمسحوا بها واستغاثوا, وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون...ثم قال رحمه الله: فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر؟ وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟ وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟ وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن هذا الشرك البين واجباً؟). رحم الله الشوكاني ورحم الله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وحمى الله بلادنا من الشرك والبدع والمنكرات وجميع بلاد المسلمين.

 

ولعل عبدالله السمطي ومن معه يشتغلون بما ينفعهم عند لقاء ربهم, فيبذلون جهدهم فيما يقربهم لمولاهم, بدلاً من تتبعهم لأحداث وأمكان وجودها, كمعرفة أن امرئ القيس مات بأنقرة, أو أن الشنفرى هلك مقتولاً في واد بالباحة وتضييع الجهد في تحديد أمكانهم, أو أن القتال الذي وقع بين القبيلة الفلانية والقبيلة الفلانية كان في المكان الفلاني, فالجهل بتلك الأمور وما دار حولها لا يضر, بل يلهي عن التزود للدار الآخرة, وهي ليست من العلوم المطلوبة شرعاً, والله المستعان.

 

 

كتبه

د.  محمد بن فهد بن عبد العزيز الفريح

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء